السبت، 11 مايو 2013

أحمد سعده يكتب: تنتصر الثورة عندما ندمر تلك الدولة

أحمد سعده يكتب: تنتصر الثورة عندما ندمر تلك الدولة
أحمد سعده

أحمد سعده يكتب : تنتصر الثورة عندما ندمر تلك الدولة ..
الدولة المصرية بالمعنى القانوني هو ذلك الإقليم الجغرافي الذي عليه نعيش، أما المعنى الآخر الذي عادة ما نتجاهله فهو هذا الكيان المؤسسي والاجتماعي المتكون من رئيس وحكومة وجيش وشرطة وقضاء وبرلمان ودستور وقوانين وظيفتها تيسير وتسيير مصالح الطبقة المالكة أو الحاكمة بالوساطة، وتنظيم استغلالها واحكام سيطرتها سياسيا وفكريا، وحينما يكون المجتمع طبقيا كمجتمعنا فإن محاولات تدمير تلك الدولة بكل ما تحمله من استغلال وفساد واضطهاد لا يعني سوى تحويل البلاد لغابة حقيقية طالما لم يتواجد البديل المقنع وهو المجتمع اللاطبقي، وعلى نفس السياق فإن الوطن ليس فقط هذا النهر وذاك البحر وتلك الصحراء بل هو الشعب الذى ولد وعاش علي هذه التضاريس وسخرها كي تكون بيئة ملائمة ينتمي اليها المصريون ويعتزون بها كموطن ووطن، يدعي القائمون على استغلاله وسرقته أنهم وطنيون رغم أنهم ليسوا أكثر من مستعمرين وأعداء داخليين.
ومن هذا المفهوم السياسي والاجتماعي للدولة يمكن تحليل الأوضاع الراهنة لأهم قسم من أقسامها الاجتماعية الحالية وهو الاسلام السياسي.
الإسلام السياسى كيان ضخم يضم الآلاف في هيكله التنظيمي والملايين من الفقراء والبسطاء ككتلة مؤيدة وانتخابية فكرتهم الأساسية أن الحل لكل الأزمات الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية هو الحكم بشريعة الله، وكيف لا، وكل الدعايا التي يوجهها قادتهم اليهم لاستقطابهم واستمالة قلوبهم هي (الحاكمية لله) و (الاسلام هو الحل)، شعارات تصور وتقدم الإسلام على أنه الحل السحري الذي سينهي بؤس البؤساء وسيقضي على فقر الفقراء ويقيم دولة العدل الاجتماعي المنشودة، الإخوان المسلمون على رأس الإسلام السياسي توسعوا اقتصاديا بشكل رهيب منذ أواخر الثمانينات وأصبحوا باقتدار حلقة مهمة في سلسة الرأسمالية التابعة في مصر، وأصبحت الرأسمالية المصرية التابعة مع نشوء وظهور رأسماليين اسلاميين في حالة انقسام واضح فلم تعد تقتصر فقط على الرأسماليين القوميين أو الوطنيين، لكن رغم هذا الانقسام الا أن الأنظمة السابقة لم تسمح للرأسمالية الإسلامية بفرض النفوذ أو حتى المنافسة إلا في الحدود التي منحوها اياهم مستغلين في ذلك القوة الاقتصادية والأمنية الساحقة في قمعهم أو عقد الصفقات معهم حسبما تقتضي ضرورات احتياجاتهم أو الاستعانة بهم كفزاعات لتبرير بقاء أنظمتهم رغم ديكتاتوريتها، وقد يعتقد الكثيرون أن التفسير الذي يدعم فكرة استنجاد نظام مبارك بالإخوان المسلمين أثناء الثورة نوعا من التجني وإيغالا فى التوهم والتوجس والشك وسوء الظن بهم، لكن معطيات الأحداث من انتقالهم مباشرة من الميدان إلى التفاوض مع القتلة ثم إلى التحالف ضد الثورة بتلك السرعة الصاروخية يدعمان جديا هذا الاحتمال، واستمروا في لعب نفس الدور مع المجلس العسكري بتوفير غطاء عدواني وهجومي وفكري وجماهيري ضد الثورة و نضالاتها فى تأييد غريب وتبرير مستفذ على طول الخط للقمع والمذابح العسكرية ضد الثوار، ليس هذا فحسب بل إرهاق الثورة واقحامها في معارك دستورية وقانونية وسلسلة من الاجراءات والتدابير والاستفتاءات والانتخابات البرلمانية والرئاسية لإبعاد الثورة عن المسار الثوري والنضالي وتبني المسار الانتخابي، ومن هنا انصرفت مئات الألوف من الجماهير إلى صناديق تزييف إرادتهم وكان آخرها الاستفتاء على الدستور اللادستوري، وتباهت المعارضة والقوى السياسية بنسبة الثلث التي قامت بالتصويت بـ (لا) في تجاهل تام لحقيقة انها منحت الشرعية والاعتراف الضمني للدستور وجمعيته التأسيسية الملفقة تلفيقا بفضل تضليل الإخوان وحلفائهم من السلفيين، واستمر صراع الأخوان للسيطرة على الاقتصاد والسلطة وأخونة الدولة والمجتمع على طريق التمكين للحكم الديني، وأسس الاخوان المسلمون لفكرة اعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس من التوافق، لكن عن أي توافق يتحدثون؟ ونحن أمام فصائل سياسية متعددة ومتناقضة من حيث مصالحها وتوجهاتها الفكرية، كيف السبيل للتوافق في ظل هذا الصراع المرير بين معسكري الثورة والثورة المضادة، وكانت تلك أحد الخطايا الكبرى للثوار بمن فيهم زعماء القوى الثورية أصحاب الخبرات السياسية الذين سعوا للتوافق انطلاقا من خرافة أن الإسلاميين والعسكر والليبراليين واليسار هم قوى الثورة وأن قوى الثورة المضادة هم فقط الفلول والشرطة، وكانت النتيجة المخيبة هي نجاح الإسلاميين والعسكر في إخلاء الميادين وإعادة الشعب الى حظيرة النظام، باعتبارهم جزءا من الثورة وزعم العسكر بأنهم حماتها وزعم الإخوان بأنهم هم الثورة لحما ودما، لكن الأسوأ من ذلك هو استمرار نفس القوى في الركض خلف حوار وتوافق وطني مشروط بضمانات لا تلقى احترام مندوب الإخوان في قصر الرئاسة (أقصد مرسي) ولا حتى احترامي، بل صدق بعضهم مزاعم الإخوان في أن الثورة تعوق نهضتهم وتقف حائلا دون عودة الاستقرار وعجلة الإنتاج، والحقيقة أن الاضطرابات السياسية والأمنية ليست بسبب الثورة إنما هي في الأصل نتاج الصراعات الأمنية والسياسية بين الثورة والثورة المضادة التي يتمثل جل أهدافها في إنقاذ الطبقة الرأسمالية من طوفان الثورة، وهو هدف رئيسي ومشترك يستوي فيه الإخوان والعسكر والليبراليون اليمينيون لانتمائهم لنفس طبقة الرأسمالية التابعة رغم الاختلاف الفكري وتناقض المصالح الذي عجزت القوى الثورية العفوية في استثماره أو ادراكه لقلة الوعي الثوري أحيانا وعدم النضج الكافى لمعظم قيادات الثورة أحيانا أخرى، والتي مازالت لاتدرك حتى الآن أن الديمقراطية التي ينشدونها في ظل تبعية استعمارية واقتصادية لن تحقق في افضل الظروف أكثر من ديمقراطية فوقية يستحيل وصولها للطبقات الشعبية من أسفل سواء كان الحكم اسلاميا أو عسكريا أو قوميا أو شيطانيا، وللأسف فإن معارضة الحكم الإخوانى في مصر تمحورت حول رفض اجراءات وقرارات وسياسات وأفعال وآداء الإخوان المسلمين دون الرفض الكلي والأساسي للحكم الديني وسلوكه وأدواته الحزبية والتنظيمية وظهر ذلك واضحا في استجابة بعض القوى أحيانا لمبادرات بعض الاحزاب الدينية كحزب النور، واستمرت محاولات التوافق وحكومة الوحدة الوطنية التي تجمع في رحاها جميع القوى السياسية، وأصبحت أخونة الدولة والمجتمع واقعا فعليا لوهم التوافق باستبدال واسع النطاق وفائق السرعة لغالبية المناصب الادارية والمحافظين والحكومة بأهل الثقة من الإخوان، بل فرض أفكارهم وأيديولوجيتهم على الاعلام الرسمي المرئي منه والمسموع وعلى المناهج الدراسية في مختلف مراحلها، وفي تحقير المرأة والعنصرية ضد الأقباط، والهجوم على القضاء وقمع الثورة واستهداف الثوار في سبيل تصفية الثورة تدريجيا.
وعلى نفس طريق المعارك الدستورية والقانونية كانت الاعلانات الدستورية المتلاحقة التي من خلالها نفخ الرئيس مرسي في روح مجلس الشورى بتلفيق وظيفة التشريع لمهامه وإقحام هذا التلفيق فى عصب الدستور الإخواني السلفي، بل وقام بتوسيعه عدديا عن طريق تعيين تسعين عضوا بقرار رئاسي مباشر لاضفاء مزيد من الأخونة والسلفنة عليه، اضافة لتحصين قراراته شخصيا وتسليحها ضد طعون القضاء ثم تعيين نائب عام إخواني جديد بشكل لا قانوني مريب واقالة النائب العام القديم (غير مأسوف عليه عموما)، وحينما يتم الانتهاء من قانون الانتخابات واقراره سنكون بصدد انتخابات البرلمان الذي صار بمشيئة الله مجلس (النواب) بعد أن كان مجلس (الشعب) لتكتمل به دائرة السلطة التشريعية الاخوانية المزينة بمعارضة هزيلة وضعيفة.
ولأن (الحاكمية لله) و (القرآن دستورنا) هي شعارات تاريخية للإخوان المسلمين أصبح المجتمع المصري الفقير روحيا وفكريا وثقافيا إزاء إضفاء قدسية دينية وتقديس وتديين لحكم البشر بادعاء الحكم بالله، رغم أنهم ليسوا أكثر من بشر تحكمهم الظروف والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التاريخية البشرية، والحقيقة العارية هي أن المجتمع لا يسوده فضائل القانون الإلهي إنما يسوده الحقائق المادية والاقتصادية للقانون البشري مهما تحلى وتزين بادعاء الفضائل. ومهما وضعنا في الدساتير البشرية الصنع من مواد تأكيدية على (إسلامية الدولة) أو (مسيحيتها) أو (يهوديتها) فلا جدوى من وجودها، ذلك ان شعار (الإسلام دين الدولة) يعطي معنيين سلبيين أحدهما أن يلتزم الإسلام بالدولة ومعناه أن يكون الاسلام في خدمة الدولة أي في خدمة الاستبداد والظلم والاضطهاد والفقر والتبعية، والثانى أن تلتزم الدولة بالإسلام بمعنى ان تلتزم الدولة التى هى الاستبداد والظلم والاضطهاد والفقر والتبعية بأحكام وسنن الإسلام وهذا لا يعدو أكثر من تزيين للدولة البعيدة كل البعد عن الفضائل التى تتحلى بها سائر الأديان السماوية والأرضية، وهذا أكبر تضليل للجماهير، فالمفهوم الحقيقي عادة للدولة مرتبط بالاستغلال، وحينما نقول أن الاسلام دين الدولة فكأننا نقول أن الاسلام دين الاستغلال.
انها الصعوبة البالغة التي تواجهها دول العالم الثالث الفقيرة ثقافيا وروحيا حينما تحاول الانتقال والعبور لديمقراطية حقيقية تفتح لها أفقا جديدة للصناعة والتحديث والتطور حيث تعرقلها اليمينية الدينية، أمريكا وجدت ضالتها تقريبا في حكم الاخوان المذبذب في مصر والذي أثبت انه أكثر خضوعا وتبعية وامتثالا من نظام مبارك، حكم الإخوان المزعزع يحتاج لمزيد من الترسيخ والتمكين أدى به للتعاون مع أمريكا وإسرائيل مقابل التأييد والعون والدعم من قطر والسعودية، وبذلك تورط الاخوان في علاقات مريبة خارجية ودولية خاصة مع (حماس) أثارت شكوكا مرعبة حول مستقبل سيناء وحلايب وشلاتين وأيضا قناة السويس التي دارت شبهات كثيرة حول صفقات بيعها لقطر عبر مشروعات وهمية تدار عبر مرسي مسئول ملف الرئاسة لمكتب الارشاد الذي تتوافر روايات يشيب لها الولدان حول أسباب اعتقاله في الأيام الأولى للثورة وتخابره لصالح جهات أخرى وطريقة هروبه من السجن على أيدي حماس واتصاله بقناة الجزيرة القطرية رغم انقطاع الاتصالات.
من كل تلك الأمور نجد أنفسنا امام صدام وشيك ومحتمل بين الأخوان المسلمين من جانب وبين قطاعات حاسمة تابعة لنفس الطبقة الرأسمالية من جانب يساندها الجيش والقضاء والاعلام لايسعنا معه سوى دعاء أمي (رحمها الله) (اللهم اضرب الظالمين بالظالمين)، وهذا الصدام من شأنه القضاء على الحكم الإخواني وعلى الاسلام السياسي في مصر بأحزابه وألياته التي قادت إليه لعقود قادمة، تؤدي بالتالي لحالة من المشاعر الايجابية وتجدد الآمال الذي تولد معه أسطورة جديدة تتغنى باسقاط حكم الاخوان الذي سيضع حدا لنهاية الآلام وتنفس صعداء الديمقراطية، ولن يكون مثل هذا الادعاء سوى ضربا من الخيال واغراقا في الرومانسية، ذلك ان القوة الحقيقية القادرة على اسقاط هذا الاخطبوط الاخواني هي القوة العسكرية الفاعلة التي لاتعرف على مر الأزمنة والأمكنة أي معنى للديمقراطية بل ستحاول مجددا في فرض أسلوبها بمساندة اعلامية متوقعة تلوح بوادرها في الأفق من الآن، كما أن البؤس والحرمان الذي يعم الجماهير يجعل منها طرفا خارج معادلة التمتع بديمقراطية من أسفل خصوصا مع التسليم بحقيقة أن الرأسمالية المتخلفة غير قادرة بحكم هذا التخلف وتدني إنتاجها على تلبية الحد الأدنى من مطالب تلك الجماهير أو توفير سبل عيش وحياة كريمة.
لكن تبقى الثورة مستمرة وتبقى القوى الثورية تناضل وتحقق مكاسب شرط أن تتيقن أنها ليست مرشحة للحكم على الأقل حاليا، وأن تتخلى عن فكرة أنها ستتولى سلطة الدولة او ان التغيير الديمقراطي قد يتم في هيكل الدولة، لكن عليها بتطوير وسائل النضال وأدواته في اتجاه بناء ديمقراطية شعبية حقيقية من أسفل.

الأربعاء، 8 مايو 2013

أحمد سعده يكتب: كابوس الدولة الدينية

http://new.elfagr.org/Detail.aspx?nwsId=322523&secid=19&vid=2
أحمد سعده


لم يعد خافيا على الكثيرين الواقع المرير والتطور الكئيب الذي صار معه المصريون أمام احتمال مصير مأساوي حال نجاح تيار الإسلام السياسي في فرض كابوس الدولة الدينية كأمر واقع، خاصة مع توطن كل الآفات المادية والاجتماعية في مجتمعنا وبعد أن أصبحنا بجدارة معقل الأيديولوچيات الدينية السياسية ومركز اشعاعها وبالتحديد الاسلام السياسي، أضف لذلك تنامي حالة الفقر المادي والعقلي والروحي لقطاعات جماهيرية واسعة مما يمهد الطريق أمام مزيد من ترسيخ وتوطيد الأيديولوجيا الدينية السياسية بشكل لم يعد له مثيل في بلدان العالم الصناعي حاليا، ومع رفض أي مساس او مواجهة أو نقد متبادل بين العلوم الانسانية والطبيعية وبين الدين فلا غرابة في احتجاج وغضب أصحاب المعتقدات الدينية إزاء أى إساءة أو ازدراء أو تسفيه لمعتقداتهم والتشكيك والتوجس والريبة والعدوانية أمام أي بحث علمي يتعمق في الدين واعتباره نوعا من أنواع الهجوم والغمز واللمز خاصة في منطقة لم تمر بعد بمرحلة النقد الفكري والفلسفي والعلمي والواقعي للمعتقدات كما حدث مع الدين المسيحي في أوروبا الحديثة.
الفارق كبير جدا بين الإسلام من جهة وبين الإسلام السياسي من جهة أخرى، لكن مايفعله قادة الاسلام السياسي من تسييس للدين وتديين للسياسة ليس إلا محاولة واضحة منهم لجعل الأمرين متلازمين لتأليه أنفسهم والعلو فوق أي نقد أو معارضة فتصبح اهانتهم أو رفضهم أو المساس بهم بمثابة اهانة ورفض ومساس بالإسلام، ويصبح الاستبداد والطغيان والفساد في الأرض بدعوى الحاكمية بالله رغم أن الله لايحكم بنفسه إنما ينزل في الهزيع الأخير من الليل ليغفر لمن يستغفره ويستجيب لمن يدعوه، كما أن هؤلاء البشر الذين يدعون الحكم باسم الله الواحد وشريعته محكومين بطبيعتهم بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والقانونية السائدة والمحيطة، لكن بفاشية وطغيان مغلف بطابع إلهي لممارستهم البشرية اللا إنسانية، إضافة للقدرة العجيبة في الافلات من أي جريمة دون عقاب خاصة جرائم الإرهاب والعنف والتعذيب والترويع والقتل والمذابح أو بحد أدنى تبرير تلك الجرائم، حتى لو كانت الجريمة هي تشويه المجتمع المصري والعربي باسلامه ومسلميه وقرآنه وأقباطه وانجيله من خلال تبني سلوك عنيف ومدمر أحيانا بتعبئة الجماهير من خلال استثارة حماستهم الدينية المتوجسة تجاه الآخر واستخدامهم كوقود أحيانا فى صراع الثورة والثورة المضادة إذا اقتضت الضرورة القضاء على ثورة الشعب واحراقها في أتون صراعات دينية أو فتنة طائفية، كما كان رد الفعل مثلا ازاء الرسوم او الفيلم المسىء للرسول الكريم أو ازاء أحداث العنف الطائفي الأخيرة ليصبح رد الفعل أكثر اساءة لله ورسوله من الفعل نفسه.
الإسلام السياسي في مصر بقيادة الاخوان المسلمين يسير على درب دول عديدة عملت على استخدام اسم الله والدين في فرض حكمها كواقع على محكوميها كدولة الخلافة العثمانية التي قامت على فكرة الإسلام ولم تشهد أي ازدهار مقارنة بمحاولات النهوض الصناعي في أوروبا بل وأثرت سلبا على نمو منطقتنا وركودها وخصوصا مصر، وهناك المملكة السعودية التي نشأت على يد تنظيم سلفي مسلح بزعامة محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود فجعلوا منها وللآن قلعة حديدية محصنة ومزينة بادعاء الفضائل المنصوص عليها في الاسلام وسائر الأديان السماوية والأرضية بينما على أرض الواقع تمارس نوعا من أشرس أنواع التطرف والدنيوية والاستغلال والفساد والاستبداد والظلم بفرض الذات والنفوذ على شبه الجزيرة رغبة في بقائها كمملكة ظلامية ظالمة خارج التاريخ كحالة خاصة وشاذة جدا في عالمنا، وهناك أيضا دولة باكستان وقامت على أساس الأيديولوجيا السياسية الاسلامية والتي تزامن قيامها مع قيام دولة إسرائيل على أساس الأيديولوجيا السياسية اليهودية، ومن بعدهما إيران، وكلها نماذج لدول قامت على الاستغلال والاستبداد بحكم طبيعتها الاستثنائية الدينية التي يحكم فيها البشر حكمهم المستبد الظالم باسم الله العادل.
 الحكم الاسلامي المتوقع في بلدان الربيع العربي بقيادة مصر ورعاية الولايات المتحدة ودعم ملوك الخليج لن يأتي سوى بالخراب العاجل هذا بالطبع في حالة عجزنا عن مقاومته خاصة أننا بصدد منطقة متخلفة صناعيا ان لم تكن شديدة التخلف أمام مجتمعات الاستغلال الرأسمالي المتوحش والفساد والاستبداد المدجج بأسلحة التكنولوچيا الحديثة والرهيبة، مجتمعات يستغل فيها الإنسان أخيه الإنسان، والاخوان في ظل هذا وذاك يتغنون بوصفهم دولة تحكم بشريعة الله مع أن مضمونها الفعلي لن يكون سوى مزيد من التبعية والإفقار في ظل تبني الإخوان لبرامج اقتصادية رأسمالية ليبرالية لن تؤدي الا لتعميق التبعية والامبريالية الاستعمارية.
قد يبدو المناخ المادي والروحي والثقافي والسياسي للجماهير ملائما حاليا للإخوان المسلمين لتمرير مخططهم الأخطبوطي نحو إقامة دولة دينية من خلال استحواذ شبه كامل على سلطة الدولة ومراكز قوتها، لكن الحقيقي أن الوضع أعقد كثيرا من مخططات وتكتيك قادة الإسلام السياسي حيث أن هناك بالفعل قطاعات في المجتمع تقاومها وتعاندها بكل جرأة واستبسال، كما أنهم أمام جماهير منتفضة بحكم طبيعة الموقف الثوري الذي حررهم من الخوف والسلبية، أمام جماهير تريد (الآن وحالا) إحراز طفرة فى أسلوب حياتها ومستوى معيشتها على طريقة (الليلة ياعمدة)، إضافة للتناقضات الكثيرة فى معسكرات الثورة المضادة التى يمثل الاسلام السياسي أحد أهم اقسامها المتعددة.
وبالتالي فإننا أمام صراع طويل بين فعل الايديولوجيا الدينية ورد فعل القطاعات الرافضة واستمرار هذا النوع من الفعل وذاك النوع من رد الفعل يعتمد بالأساس على المناخ الثقافي والاقتصادي والاجتماعي الحالي بما يحمله من فقر مادي وروحي، ولن ينتهي إلا بإقامة حياة تعلو فيها قيم الاعتدال ويسودها التسامح بين معتنقى المعتقدات المختلفة بدلا من التعصب الأعمى ومحاولة استخدام الدين للوصول لمطامع سياسية أو استخدام السياسة لخدمة معتقد ديني فالأصل أن الدين والسياسة في خدمة المجتمع.

الثلاثاء، 7 مايو 2013

اتحاد عمال البترول يستنكر أخونة القطاع بتعيين الوزير الإخواني هدارة

بعد أيام من احتفال عمال البترول بعيد العمال تلقينا خبر كالصاعقة بتعيين المهندس الاخواني شريف هدارة وزيرا للبترول لتتأكد شكوكنا السابقة بأن نقله لرئاسة الهيئة انما كان خطوة كارثية على طريق تنصيبه لحقيبة البترول رغم كامل علمنا بضعف شخصيته وقلة كفاءته وهي صفات مطلوبة لثقة مكتب الإرشاد وبوساطة زميله الإخواني أيضا خالد الأزهري وزير القوى العاملة الذي لايملك من سيرة ذاتية إلا أنه كان رئيسا نقابيا لشركة الأمل للبترول التي لا يتجاوز عدد عمالها مائتي عامل والذي قام بتشكيل كامل للنقابة العامة للبترول من أشخاص تابعين للإخوان وبعضهم من خارج القطاع ولايملكون أي تاريخا نضاليا.
ان اتحاد عمال البترول الحر يستنكر كل مخططات التجويع التي تشنها حكومة الإخوان المسلمين وسيطرتهم الغريبة والملفقة وكل نواياهم برفع الدعم عن السلع البترولية المتوقع بعد انتخابات البرلمان القادمة، الأوضاع المعيشية تتدهور بشكل رهيب بسبب سياسات التقشف التي تتبعها حكومة الإخوان والأزمات تتوالي من نقص سولار وبنزين وارتفاع في أسعار الغاز ..
كما تستمر هجماتهم المتلاحقة على عمال البترول بفصل وتشريد القيادات العمالية، بل وصل الأمر حد القبض عليهم كما فعلوا مع عمال شركة شبكات التابعين للمستثمر الكويتي واحالتهم إلى المحاكمات.
سنبقى نناضل من أجل الغاء السخرة داخل القطاع والمتمثلة في شركات المقاول وعودة العمال المفصولين تعسفيا وستستمر موجة الإضرابات والاعتصامات، التي يجب أن تتوحد من أجل الوصول إلى محطة الإضراب العام القادر على انتزاع كافة مطالبهم من نظام لا يشعر بمعاناة الكادحين، ويترك الأغنياء يزدادون غنى.. والفقراء يزدادون فقرا.

لنتحد جميعا، عمال ونقابات وقوى ثورية، في جبهة ثورية تكافح من أجل تشكيل حكومة ثورية تتبنى سياسات منحازة إلى العمال والفقراء.